من جدار الصحفي الكتاب عثمان لحياني
خلال أقل من أسبوع استقبلت الجزائر قائدين بارزين في البنتاغون ، وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر (للمرة الأولى منذ زيارة دونالد رامسفليد قبل 15 سنة)، وقائد قيادة القوات الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم) الى الجزائر ستيفن تاونساند.
توالي زيارات المسؤولين الأمريكيين تأتي في ظل تغير ثلاثي في أعلى هرم صناعة القرار في الجزائر، السياسي بتولى رئيس جديد الحكم في البلاد، و العسكري بوجود قائد أركان جديد للجيش ، والأمني بعد تبدل شامل في قادة الأجهزة الأمنية في الجزائر.
وبغض النظر عما اذا كانت هذه الزيارات تحمل أيضا اشارات سياسية عن تحمس واشنطن للعمل والتعاون مع القيادة الجديدة في الجزائر ، الا أنها تبرز في المقابل حرصا أمريكيا بالغا على استطلاع تأثير هذه التغيرات على مواقف ومعالجات الجزائر ازاء الأزمات السياسية والتهديدات الأمنية في منطقة شمال افريقيا ودول الساحل ، والأهم تحسس النوايا الجزائرية ومداها في علاقة بالتحول الطارئ المتعلق بخروج الجيش للقتال في الخارج ، عناوينه واهدافه.
في مقال نشرته قبل أيام كشفت صحيفة ” لوموند” الفرنسية ، ذكر أن واشنطن تبحث عن نقاط ارتكاز جديدة. ورشحت الصحيفة السودان في علاقة بالتطبيع والجزائر كمركز لمكافحة الارهاب ، بمعنى ان واشنطن مازالت ترى في الجزائر “شريك بندقية” وليس شريكا سياسيا (بدليل ان واشنطن توفد مسؤولين عسكريين وليس سياسيين) .
الرغبة الأمريكية تصتدم بتصلب جزائري تاريخي ضد أي توظيف للمقدرات العسكرية والموقف السياسي لصالح طرف أجنبي ، واضافة الى التحفز الداخلي ضد ذلك ، فان تصريحات قائد الجيش الجزائري سعيد شنقريحة خلال لقائه قائد الأفريكوم ، تبدو مطمئنة ، لكونها أعلنت عن رفض جزائري واضح ومسبق لأية رغبة أمريكية ازاء الارتكاز على الجزائر في منطقة الساحل .
قال شنقريحة: “الجزائر مستعدة لتعزيز الشراكة مع أمريكا في المجال العسكري من خلال الميكانيزمات القائمة على الشفافية والصراحة والمصالح المشتركة”، الجملة الأخيرة مهمة ، وأبلغ المسؤول الأمريكي رسالة بالغة في كون أن الجيش الجزائري قاوم وهزم الارهاب وحده دون مساعدة ،بما فيها واشنطن ، وبالتالي ليس لها منة ولا أن تنتظر أية خدمة من الجزائر، “الجزائر تغلبت على الإرهاب لوحدها دون الحاجة إلى أي دعم أجنبي”.
تبدو هذه التصريحات مطمئنة للداخل الجزائري ، وتفسر الى حد بعيد عدم جاهزية اتفاقية عسكرية للتوقيع ، كتلك التي وجدها وزير الدفاع الأمريكي أمامه في كل من تونس والمغرب(وقع اتفاقيات تعاون لعشر سنوات) ،غير أن ما يقلق من الناحية السياسية ليس كون الجزائر تحت المجهر الأمريكي ، ولكن استمرار أزمة شرعية السلطة القائمة وافتقادها لتوافقات الجبهة الداخلية ، ما سيضعف قدراتها التفاوضية في الملفات الاقليمية ،ويجعلها رهينة الابتزاز المتعدد الاطراف.
أضف تعليقا